الخلق (
للمنفلوطى ) نثر دراسة نصوص أدبية صـ 42للصف الثالث تمريض
مقدمة :
إن
جمال الإنسان يكون بالالتزام بالفضائل و الحث عليها و تجنب الرزائل و التحذير منها
و الذى يدفعه إلى ذلك الضمير الحى اليقظ الذى يأمر بالنصح للأخرين و أداء ما عليه
من واجب و قد أمرت الشرائع السماوية بالخلق القويم لتطهر به النفس البشرية و تسعد
فى الدنيا و الأخرة و هذا ما رمى إليه المنفلوطى فى النص الذى بين أيدينا .
التعريف بالكاتب :
ولد
الأديب مصطفى لطفى المنفلوطى سنة 1876م فى مدينة منفلوط بمحافظة أسيوط و تعلم فى
الأزهر الشريف و اشتغل بالتحرير فى جريدة ( المؤيد ) و عمل أمينا فى ( البرلمان
المصرى ) بمجلس الشعب الآن و توفى سنة 1924م و له كتب منها ( النظرات و العبرات ) ( و روايات مترجمة منها الفضيلة و الشاعر و فى شبيل
التاج و يتميو أسلوبه بالوضوح و السهولة و قوة العاطفة و جمال التصوير.
النص :
《
أتدري ما هو الخُلُق عندي؟ الخلق هو شعور المرء أنه مسؤول أمام ضميره عما يجب أن
يفعل، لذلك لا أسمي الكريم كريمًا حتى تستوي عنده صدقة السر وصدقة العلانية،.. ولا
العفيف عفيفًا حتى يعف في حالة الأمن كما يعف في حالة الخوف،.. ولا الصادق صادقًا
حتى يصدق في أفعاله صدقه في أقواله،.. ولا الرحيم رحيمًا حتى يبكي قلبه قبل أن
تبكي عيناه،.. و لا المتواضع متواضعًا حتى يكون رأيه في نفسه أقل من رأي الناس
فيه.
إن
الخلق الذى يرتضيه الضمير الحى و يحث عليه هو الدمعة التي
تترقرق في عين الرحيم كلما وقع نظره على منظرٍ من مناظر البؤس، أو مشهد من مشاهد
الشقاء . هو القلق الذي يساور قلب الكريم ويحول بين جفنيه والاغتماض كلما ذكر أنه
رد سائلًا محتاجًا، أو أساء إلى ضعيفٍ مسكين , هو اللجلجة التي
تعتري لسان الشريف حينما تحدثه نفسه بأكذوبة ربما دفعته إليها ضرورةٌ من ضرورات
الحياة , هو الصرخة التي يصرخها الأبيُّ في وجه من يحاول مساومته
على خيانة وطنه، أو ممالأة عدوه.
الخلق هو أداء الواجب
لذاته، بقطع النظر عما يترتب عليه من النتائج، فمن أراد أن يعلم الناس مكارم
الأخلاق فليحي ضمائرهم، وليبث في نفوسهم الشعور بحب الفضيلة، والنفور من الرذيلة
بأية وسيلةٍ شاء، ومن أي طريقٍ أراد، فليست الفضيلة طائفةً من المحفوظات تحشى بها
الأذهان، بل هى ملكاتٌ تصدر عنها آثارها صدور الشعاع عن الكوكب، والأريج عن الزهر.》
اللغويات :
العفيف : الذى يكف عما لا يحل له من قول أو فغل و الجمع
أعفاء و أعفة و المؤنث العفيفة و الجمع العفاف .
تترقرق : تجرى
يسارور : يصارع
يحول : يمنع
تعترى : تصيب
الأبى : عزيز النفس الذى يرفض الذل
ممالأة : مساعدة
اللجاجة : التردد فى الكلام و عدم الإبانة
الأريج : العطر , الرائحة الطيبة
الشرح و التحليل :
يوجه الكاتب نظرنا إلى أن الشعور بالمسئولية و أعمال
الضمير فيما يجب أن يفعله من أهم أسس الخلق القويم و لا يصل الكريم إلى مرتبة
الكرم حتى يتصدق بماله دون رياء و العفيف لن ينال درجة العفة حتى يكون عفيفا فى
حالى الأمن و الخوف أما الصادق فينال مرتبة الصدق عندما يصدق فى قوله و فعله و
الرحيم يتبوأ مكانة الرحماء حينما يفيض قلبه بالرحمة و الشفقة قبل أن تذرف عيناه
الدموع و يسمو المتواضع عندما لا يظهر تعاليا أو تكبرا على غيره فينزل نفسه منزلة
أقل مما يضعه الناس فيه .
إن أبرز مظاهر الخلق :
الذى يرتضيه أن تجرى الدموع من عين الرحيم إذا رأى البؤس
أو الشفاء فى حياة البائسين الأشقياء و أن يصارع القلق قلب الكريم فلا تقر عينه
بالنوم فيتملكه السهاد حين يتذكر أنه رد سائلا أو أساء إلى مسكين و لا يستطيع الإفصاح
عما يضطره إلى ذلك
و الضمير هو الصرخة التى يصرخها العزيز فى وجه من يطلب
منه خيانة وطنه أو مناصرة أعدائه .
إن الخلق الكريم هو أن يؤدى المرء ما فرض عليه من واجبات
من أجل الواجب نفسه دون انتظار لمكافئة مادية أو معنوية و أفضل سبيل للوصول إلى
مكارم الأخلاق هو أن تحيا ضمائر الناس و أن يعمهم حب الفضائل و يبتعدوا عن الرزائل
فليست الفضائل عبارات نحفظها ثم ترددها الألسن و لكنها قيم أصيلة فى النفس و العقل
تسطع سطوع الكواكب و تفوح رائحتها طيبة مثل أريج الأزهار .
الجمال :
الأسلوب :
اعتمد على الأسلوب الخبرى لمناسبة الوصف و تقرير الحقائق
للتوكيد و التخصيص و الترادف مثل ( إنه لمسئول أمام ضميره ) ( البؤس و الشقاء )
( أتدرى ما هو
الخلق عندى ) الأسلوب الوحيد الإنشائى استفهام غرضه النفى و التعجب .
المحسنات البديعية :
( السر و العلانية ) ( أفعاله – أقواله ) طباق يؤكد المعنى و يوضحه .
( حب الفضيلة و النفور من الرزيلة ) مقابلة يؤكد المعنى و يوضحه .
أسلوب المنفلوطى : الألفاظ رصينة و الأفكار واضحة و مرتبة ترتيبا منطقيا و
قد اعتمد على التفصيل بعد الإجمال .
تعليقات
إرسال تعليق