لغة الورد نعمات أحمد فؤاد قراءة صـ 15
التعريف بالكاتبة :
نعمات
أحمد فؤاد ولدت بمغاغة بمحافظة المنيا، وحفظت القرآن الكريم في طفولتها وتخرجت من كلية
الآداب جامعة القاهرة ونالت درجة الماجستير في أدب المازني، أما رسالة الدكتوراة فكانت
عن ( النيل في الأدب العربى ) عام 1952 عملت أستاذا لفلسفة الحضارة فى جامعة حلوان
ثم قامت بالتدريس فى جامعات استانبول – نيويورك جورج تاون و جامعة الأزهر لها أكثر من ثلاثون كتابا منها : إلى ابنتى , قمم
أدبية , النيل فى الأدب العربى من عبقرية الإسلام .
الدرس
:
أمامى زهرية ورودها قليلة ... لكنها عالم غنى
بالمعانى ... تواجهنى من هذه الزهرية وردتان متقابلتان إحداهما برعم ملفوف الأوراق
فى حبكة عليه من الورد الأخضر سياج حارس و أخرى تفتحت و تبسطت فلم يعد يخفى منها
شىء إنها جميلة بلا شك فى زهو اللون و رقة الأنفاس لكنى تستهوينى الوردة البرعم كم
عندها من أسرار و شوق إنى أطيل عليها النظر البسام و لكنها لا تبوح هل هى تخشانى ؟
أم تخشى الورق الأخضر و حولها منه حاشية كبيرة و ما أكثر فضول الحاشية ! إنها
دائما سر البلاء و لكن لماذا تفضى بسرها و جمالها كله مكنون فيه إنها تستهوينى
هكذا بصمتها الغنى ماذا غنمت بجوارها الوردة الثرثارة التى نشرت صفحاتها كلها حتى
لم يعد هناك ما تخفيه إنها أمامى تقول و لا تسمع حين تتجمع نظراتى و أنفاسي على
الوردة المضمومة على سرها يلفنى شوق و يضمها شوق و قد أغرى موقفها أو شغفى بها ما
حولها من ورد فاصطنعت كل حمراء الورد التحرز و الضن بالسر العاطر حتى الوردة
البيضاء التى همت بفتح شفتيها لبراءتها عادت فسكتت عن الكلام جميلة لغة الورد يا
بديع الحياة و الحى ... فى آنية الزهور أمامى وردة طفلة تنام تنام على صدر ورقة
خضراء حانية وردة بيضاء طاهرة عفيفة لم تعرف الإثم و لا الخطيئة عالمها كله نقاء و
صفاء و عفة , الورد الأحمر يوقظ الحب و لكن الورد الأبيض يغرى بالفضيلة و الخير
كله كأنه قادم من الجنة لساعته على جناح ملك صغير و الورد الأصفر مسكين من الذى
رماه بالغيرة ؟ الصفرة فيه ؟ و ممن يغار المانجو أغلى الفواكه و أحلاها و ممن يغار
الذهب أنفس المعادن و أغلاها و لكن ما لى أقرن الذهب بالوردة قتل الإنسان ما أكفره
صدقونى إذا قلت مخلصة أن الورد أصفره أو أبيضه أو أحمره أغلى عندى من الذهب إنه فن
و جمال و طيب و رائحة خالصة يهديء الأعصاب حين يشحذها الذهب يخيل إلى أن أولئك
الذين أوقعهم سوء حظهم أو قسوة فى الجريمة لم يروا الورد و لم يحسوا معانيه إن
الجريمة فى نظرى ناجمة عن فقر المشاعر و حرمان من الجمال جمال الوردة و جمال الحب
و جمال التقدير و جمال التعبير و جمال النفس حرمان فى صورة من الصور يستعلى عليه
التعيس استعلاء نازلا بالجريمة لو أن الأمر بيدى لوضعت كل مسجون فى خميلة لتتطهر
نفسه من شوائبها و يصفو قلبه من أدرانه و تتهذب مشاعره و تصفو روحه و يدنو من رحاب
الله .
و
الزهرة البنفسج الفاتح الغارق فى الصمت و فى الأحلام ما أعزها عندى فى لفائفها المتداخلة
كقراطيس صغيرة أنها ترنو إلى فى استحياء من وراء الوردة الحمراء و نظرات إليها و
أصغيت فراعنى دمعة فى مثل حبة اللؤلؤ تلمع على خدها ما الذى أراقها ؟ هل جادها
الطل فى بكرة الصباح الندية أم قاس رماها ؟ انتزعها من أمها فأقصاها ما أرقها فى
الجرح و البرحاء و هى لا تشكو و لكنه على الصمت يشجينى شجاها و أدنيتها منى و
قبلتها كما أقبل ابنتى إذا طاف بها طائف فأبكاها .
و
الورق الأخضر صغيره و كبيره دنيا أخرى من المعانى و الرفيف ما أبره و ما أحناه
يحوطه و يصون و هو إذا سرى النسيم حمل إليه رسائله المحملة بأشواق العشاق إذا اهتز
الورق الأخضر و سرت فيها رعشة خفيفة من الفرحة أو النشوة ابتسم الورد ما أذكاه .
معانى
المفردات :
البرعم
: زهرة الشجرة و نور النبت قبل أن يتفتح و الجمع براعم
حبكة
: إتقان
السياج
: السور من شوك أو حائط أو غير ذلك و الجمع أسوجة و سوج
الزهو
: النبات الناضر و المنظر الحسن و المفرد زهوة و المقصود : بزهو لونه جماله
تفضى
: تخبر
همت
: عزمت
الثرثار
: المهذار الكثير الكلام فى تكلف و خروج عن الحد
الخميلة
: الشجر الكثير الملتف و الجمع : الخمائل
الشوائب
: الأشياء الغريبة تختلط بغيرها و المفرد شائبة
الأدران
: الأوساخ و المفرد : الدرن
تعليقات
إرسال تعليق