القائمة الرئيسية

الصفحات

فى عيد الأم أكلمكم عن ثمرات تربية الأم الصالحة بقلم / طارق حاطر 2025


ثمرات تربية الأم الصالحة

أعزائي الطلاب، في يوم عيد الأم، نقف جميعًا تقديرًا لتلك الإنسانة العظيمة التي سهرت الليالي من أجل راحتنا، والتي منحتنا حبها دون مقابل. الأم هي النور الذي يضيء حياتنا، وهي اليد التي تمسح دموعنا، والقلب الذي يحتوينا بحنان لا حدود له. وقد أوصى الله سبحانه وتعالى ببرّ الوالدين، وخصّ الأم بمزيد من العناية، فقال تعالى:

"وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ" (لقمان: 14).

وهذه التربية التي تبذل فيها الأم عمرها وجهدها، هي التي تصنع الأجيال العظيمة التي تغيّر مجرى التاريخ.

ثمرات التربية الصالحة عبر التاريخ

نرى أثر الأم العظيمة في أبناء صالحين نشأوا على المبادئ والقيم، ومن أروع الأمثلة على ذلك السيدة فاطمة الزهراء، ابنة الرسول ﷺ، التي ربت ابنيها الحسن والحسين على حب الخير والدفاع عن الحق، فكانا مثالين للبطولة والشجاعة. وقد أصبح الإمام الحسين رضي الله عنه رمزًا للحرية والصمود عندما واجه الظلم والطغيان في معركة كربلاء، ووقف في وجه الظلم قائلًا:

"إني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما"

وهكذا كان الحسين ثمرة تربية أم عظيمة زرعت فيه العزة والكرامة.

وكذلك نجد السيدة أسماء بنت أبي بكر، التي كانت نموذجًا للأم القوية الصابرة. فقد ربت ابنها عبدالله بن الزبير على الشجاعة والكرامة، وحينما قُتل وصلب على يد الحجاج بن يوسف الثقفي، لم تبكِ ضعفًا، بل قالت بكل قوة وثبات:

"أما آن لهذا الفارس أن يترجّل؟"

لقد كانت كلماتها درسًا في الثبات والعزة، وكانت أمومتها نبعًا للقوة التي انعكست على ابنها.

أما الخنساء رضي الله عنها، فقد غرست في أبنائها حب الإيمان والجهاد، وكانت تحثّهم على القتال في سبيل الله قائلة:

"يا بني، إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، والله لا تخذلوا الإسلام، فإذا رأيتم الحرب فاثبتوا، واصبروا، وجالدوا حتى تنالوا النصر أو الشهادة"

وعندما جاءها خبر استشهادهم جميعًا، لم تندبهم أو تبكِ بحرقة، بل قالت بفخر:

"الحمد لله الذي شرفني بقتلهم جميعًا في سبيله"

وهكذا رأينا كيف أن التربية الصالحة للأمهات صنعت رجالًا تركوا أثرًا خالدًا في التاريخ.

برّ الأم وفضلها في الإسلام

لقد أدرك الإسلام قيمة الأم، وجعل برّها من أعظم القربات، فقد جاء رجل إلى النبي ﷺ يسأله:

"يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟" قال: "أمك"، قال: "ثم من؟" قال: "أمك"، قال: "ثم من؟" قال: "أمك"، قال: "ثم من؟" قال: "أبوك" (رواه البخاري ومسلم).

وهذا الحديث يبيّن كيف أن الأم لها المكانة الأولى في البر والإحسان، وأن فضلها يفوق كل فضل.

ومن أروع القصص التي تبيّن مدى عظمة الأم وتأثيرها، أن رجلًا جاء إلى النبي ﷺ يشكو أن أمه قد كبرت في السن وأصبح يحملها على ظهره لقضاء حاجاتها، فسأله: "يا رسول الله، هل أكون قد وفيتها حقها؟" فقال النبي ﷺ:

"لا، ولا بزفرة واحدة من زفرات ولادتها"

وهذا يدل على أن تضحيات الأم لا يمكن أن تُرد أو يُجازى عليها، فمهما قدّم الأبناء من برّ، فلن يستطيعوا ردّ جميلها بالكامل.

كيف يبرّ الطلاب أمهاتهم؟

إنّ برّ الأم واجب على كل ابن وابنة، وهو من أعظم أبواب الخير. ويمكن للطلاب برّ أمهاتهم من خلال:

  1. طاعتها واحترامها في كل ما تأمر به، ما لم يكن فيه معصية لله.
  2. التحدث معها بلطف، وعدم رفع الصوت عليها، كما قال الله تعالى: "ولا تقل لهما أفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قولًا كريمًا".
  3. مساعدتها في أعمال البيت دون أن تطلب، تقديرًا لتعبها وسهرها.
  4. التفوق في الدراسة والاجتهاد، فهذا يفرح قلبها ويجعلها تشعر بفخر كبير.
  5. الدعاء لها دائمًا، في حياتها وبعد وفاتها، بأن يرزقها الله الصحة والعافية، وأن يجمعنا بها في الجنة.
  6. إسعادها بالأفعال البسيطة، مثل إهدائها شيئًا تحبه، أو قضاء وقت معها، أو قول الكلمات الطيبة التي تملأ قلبها فرحًا.

وقد عبّر الشاعر حافظ إبراهيم عن عظمة الأم في تربية أبنائها بقوله:

الأمُّ مَدرَسَةٌ إذا أعْدَدْتَها * أعددْتَ شَعبًا طَيِّبَ الأعْراقِ

فالأم ليست مجرد شخص يعتني بأبنائه، بل هي أساس بناء المجتمع بأكمله، فهي التي تغرس القيم والمبادئ في الأجيال القادمة.

كما قيل في الحكمة:

"الأم التي تهز المهد بيمينها، تهز العالم بيسارها"

وهذا يدل على أن دور الأم لا يقتصر على بيتها فقط، بل يمتد أثرها ليشمل الأجيال والمجتمعات بأسرها.

الخاتمة

وفي الختام، لا يسعنا إلا أن نقدّم لأمهاتنا كل الحب والتقدير، ونسعى لنكون ثمرة صالحة لتربيتهم. فالأم هي سرّ النجاح، وهي التي تهب الحياة طعمًا ومعنى.

فلنجعل هذا اليوم فرصةً لنعبّر لأمهاتنا عن حبّنا وامتناننا، بكلمة طيبة، بلمسة حانية، أو بفعل يسعد قلوبهن. فمهما قدّمنا لهن، لن نوفيهن حقهن.

كل عام وكل أم بخير، وأدام الله أمهاتنا تاجًا فوق رؤوسنا. 

أمى الغالية :

أحبك كثيرا , اللهم بارك لنا فيها واجعلها خير نساء زمانها ؛ مسلمة مؤمنة موحدة , من السابقين الساجدين الصائمين المسبحين , وادخلها الجنة من كل أبوابها , آمين .

تعليقات