الأعرابى و قارون (
نصوص أدبية – نثر - دراسة )
صـ 72 للصف الثالث
تمريض 2022 – 2023
مقدمة :
لا تقتصر الحكمة على العلماء فقد تصدر عن البسطاء فقد
تجد إنسانا يقول كلمة أو جملة تتردد على الألسنة يستشهدون بها فى المواقف المتشابهة
و تستدعى الاستشهاد بها و هذا ما نطق به الأعرابى و أيقن أن كل شىء فى الكون لله
وحده عكس ما تحامق به قارون حيث قال إن كل ما عنده من أموال من صنع يديه و نتيجة
لذلك نال جزاءه الأليم .
كاتب النص :
أحمد بهجت مصرى ولد سنة 1932م بالقاهرة يكتب ببعض الصحف
و المجلات المصرية له عدة مؤلفات منها ( أنبياء الله – الطريق إلى الله – مذكرات
صائم )
النص :
سئل أعرابى : لمن هذه العنزة ؟
قال هى لله عندى ...
توقفت أمام الإجابة لشد ما عى صحيحة و حكمة فى نفس الوقت
... إن صاحب العنزة هو الأعرابى فلما سئل عن مالمها لم يقل أنا مالكها أو صاحبها و
إنما قال هى لله عندى و قال الحقيقة حين أسند ملكية العنزة لله ... أتظن أن هذا
مان منه تأدبا وورعا فحسب أم أنه نطق بالصدق و قال الحقيقة حين أسند الملكية لله و
جعل لنفسه حق الانتفاع بها فقط ؟
أحسب أن الأعرابى قال الحقيقة المجردة ... و أجاب عن
سؤال صعب يخطئ معظم الناس فى الإجابة عنه .
إن الناس ينسون كثيرا من هو المالك الحقيقى للأشياء ...
و يتصورون أن ما لديهم ملك لهم و أحيانا يجمع بهم الظن فيتصورون أن ما لديهم ملك
لهم و أحيانا يجمع بهم الظن فيتصورون أن ما أوتيه الواحد منهم قد أوتيه بعلمه أو
ذكائه أو فطنته و لعل أقوى مثال على ذلك كان قارون .
لقد أجاب قارون عن السؤال الذى وجه للأعربى إجابة غير
صحيحة ... قال عما يملكه من المال إنما أوتيته على علم عندى و كانت هذه الإجابة هى
التى طردت قارون من رحمة الله و انتهت به إلى الخسف .
كان قارون من الفئة الباغية من قوم موسى كان من بنى
إسرائيل و كان أغنى رجل فى الأرض يومئذ يحدثنا الله تعالى عن كنوزه فيقول و آتيناه
من الكنوز ما إن مفاتيحه لتنوء بالعصبية إن مفاتيح كنوزه كانت تحتاج فى حملها إلى عصبية من الرجال و إذا كانت مفاتيح
الكنوز بهذا التعدد و الكثرة و الثقل فكيف كانت كنوزه ذاتها ؟ يترك النص القرآنى
للذهن البشرى أن يتخيل عظم هذه الكنوز ووفرتها و تعددها .
كان قارون كما يرسمه النص القرآنى رجلا يمشى بالفرح و
ليس المقصود بالفرح هنا هو هذه البهجة الطبيعية التى يعرفها الأغنياء و إنما كان
فرح قارون هو انحصاره فى سجن الثراء و اعتقاده أن شيئا ما لا يمكن أن يحدث له فهو
فى أمان مطلق بسبب ماله و نتيجة لهذا الأمان المطلق انطلق بعيث فى الأرض فسادا و
ظلما و جورا و جاءه قومه ينصحونه ألا يطمئن و يفرح بماله لأن الله لا يحب هذا
اللون من الناس أيضا نصحوه أن يبتغى فيما آتاه الله الدار الآخرة و أن يحسن كما
أحسن الله إليه و أن لا يبغى الفساد فى الأرض لأن الله لا يحب المفسدين .
استمع قارون بأذنيه لنصائح من قومه و لكن قلبه كان يمور
بالاستهزاء و السخرية و لعله اعتبر أن مجرد نصحهم له اجتراء على مقامه السامى و
نسيان متعمد لثرائه و أمواله و قرر أن يرد عليهم ردا يخرسهم و يجعلهم يكفون عن
اسداء النصائح له ... إنهم يحدثونه أن الله أحسن إليه و آتاه هذا المال ...
فليحدثهم هو عمن آتاه هذا المال ... قال إنما أوتيته على علم عندى هذه الكلمة
الشهيرة تعنى أن المال ليس عطية من الله له و ليس ملكا لله و قد جعل له حق التصرف
فيع إنما هو ماله هو مالكه و قد أوتيه من علمه و ذكائه و مهارته كان قارون هنا
يؤكد ملكيته المطلقة للمال و ينكر ملكية الله له ... ناسيا أن الموت يعترض ملكية
البشر و يصنع حدا نهائيا لها و يعيد المال لمالكه الحق .
وهكذا فشل قارون رغم كل ثرائه فيما نجح فيه الأعرابى حين
سئل لمن هذه العنزة ؟ فقال هى لله عندى .
المفردات :
أسند : نسب
الحقيقة المجردة : التى تدرك بالذهن
الخسف : التغيب فى الأرض و المراد : الهلاك
اجتراء : تشجع
إسداء : تقيم
ورعا : زهدا و تقوى
يجمح بهم الظن :
المراد : يخطئون التفكير
يمور : يتحرك
يكفون : يمتنعون
الشرح :
جذب انتباه الكاتب السؤال الذى وجه إلى الأعرابى و هو :
لمن هذه العنزة ؟ فقال :
( هى لله عندى ) توقف عندها طويلا و عدها من الحكم
المأثورة التى تجرى على ألسنة الحكماء فقد قال : ( هى لله عندى و أنا لها راع
منتفع بها ) و هذه حقيقة .
إن كثيرا من الناس يخطئون حين يظنون أن ما لديهم ملك لهم
وحدهم و نسوا أن لهم حق الانتفاع به فقط و هم بذلك يعتقدون أن ما جمعوه من مال
بسبب ذكائهم .
لقد أشار القرآن الكريم إلى قصة قارون الذى آتاه الله من
المال ما يصعب إحصاءه و مع ذلك اعتقد أن جمع هذا المال الكثير بعلمه و فطنته على
الرغم من نصح العلماء و الحكماء له بألا يفرح يهذا الغنى الفاحش و أن يتواضع و لا
ينشر الفساد فى الأرض لأن الله قد أحسن إليه و كان رده شديدا مما جعلهم يكفون عن
النصح .
هذه الكلمة التى قالها قارون كلمة صادمة لأنها تعنى أن
المال ليس عطية من الله و إنما هو ماله مؤكدا ملكيته المطلقة لهذا المال و منكرا
ملكية الله له متناسيا أن الموت هو نهاية كل حى و بذلك تعود ملكية المال لمالكه
سبحانه و تعالى .
و بذلك يكون الأعرابى قد أصاب و أفلح حين سئل و أجاب و
أن قارون قد خاب و فشل عندما جحد و تكبر .
الجمال :
لغة الكاتب سهلة اعتمد على العرض و التحليل و النقد فوضح
الفكرة التى يؤمن بها لذلك استخدم الأسلوب الخبرى كثيرا مثل : ( قال هى لله عندى )
... ( إن الناس ينسون كثيرا من هو المالك الحقيقى للأشياء ) ( لقد أجاب قارون عن
السؤال الذى وجه إليه إجابة غير صحيحة و هكذا فشل قارون رغم كل ثرائه )
أما الأسلوب الإنشائى فجاء فى قوله : ( أتظن أن هذا كان
منه تأدبا وورعا فحسب ؟ ) استفهام غرضه النفى و التعجب .
الصور و الأخيلة :
( الموت يعترض ملكية البشر و يضع حدا نهائيا لها و يعيد
المال لمالكه الحق ) استعارة مكنية تخيل
المال إنسانا يعترض طريق غيره و يوقفه و يحدد نهاية الأشياء و يعيد الحق لمالكه و
سر جمالها التشخيص .
( استمع قارون بأذنيه لنصائح من قومه ) كناية عن عدم
اهتمامه و غروره
(و لكن قلبه كان يمور بالاستهزاء و السخرية ) كناية عن تكبره و غروره
( إنما أوتيته
على علم عندى ) كناية عن تكبره و غروره
( فشل – نجح ) طباق يؤكد المعنى و يوضحه
( يؤكد ملكيته للمال و ينكر ملكية الله له ) مقابلة تؤكد
المعنى و يوضحه
-
و مما يميز أسلوب الكاتب
تأثره بالقرآن الكريم و استشهاده بآية من سورة القصص فى قصة قارون .
تعليقات
إرسال تعليق